المواضيع الأخيرة
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 351 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 351 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 677 بتاريخ الثلاثاء ديسمبر 05, 2023 10:38 pm
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
حكمة اليوم
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1265 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو عادل0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 90173 مساهمة في هذا المنتدى في 31151 موضوع
المواضيع الأكثر شعبية
بحث عن الاجرام 1
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
بحث عن الاجرام 1
تمهيد وتقسيم :
إذا كنا قد فرغنا للتو من التأكيد على استبعاد التفسير الأحادي للجريمة ، مفضلين أن نتبع في تحليل الظاهرة الإجرامية منهجاً تكاملياً ، يعتمد على تعدد أو تكامل عوامل تلك الأخيرة Constellation des facteurs ، وتوزعها بين عوامل فردية داخلية وأخرى اجتماعية خارجية ، فإنه من المؤكد أن العوامل على تنوعها – وكما سبق القول – لا تتساوى فيما بينها في الدفع نحو الجريمة. مما يستوجب منا أن نطرح على بساط البحث بشكل تحليلي العوامل الإجرامية Facteurs criminogènes من أجل الكشف عن القوة النسبية لبعض العوامل في تخليق الظاهرة الإجرامية ، في محاولة لتوقع مسار الجريمة في المستقبل أو العودة لها ، وتعين وسائل المكافحة الفعالة لها.
على أنه يجب الإقرار مسبقاً بعدم وجود حتمية Déterminisme لوقوع الجريمة على أثر توافر عامل أو مجموعة عوامل معينة ، كل ما هنالك أن بعض العوامل قد يكون لازماً وضرورياً من أجل إحداث تفاعل لكتلة ظروف يترتب عليها في النهاية حدوث الجريمة. وهذا الإقرار ينبع من أن بعض عوامل الجريمة قد لا تكون ذات صبغة إجرامية في ذاتها ، بل قد تكون مشروعة في ذاتها. فالسن والجنس والعنصر والظروف الجغرافية رغم أنها تدرس ضمن عوامل الجريمة إلا أنها بذاتها ليست مولدة للإجرام Criminogène بل هي عوامل محايدة ، وكل ما هنالك أن دراسة عوامل الجريمة إنما هي دراسة للارتباطات Corrélation بين متغيرات Facteurs عديدة لا يكون لبعضها قوة ذاتية في إيقاع الجريمة.
ومن هنا فليس للجريمة عامل بذاته ، كما أن عوامل الظاهرة الإجرامية لا تعبر عن أسباب تلك الظاهرة أو أسباب السلوك الإجرامي. ففكرة السببية Causalité المعروفة في العلوم الطبيعية لا تسري بذاتها في مجال علم الإجرام. ففي العلوم المنضبطة يعني السبب الظرف الذي بتوافره تحدث نتيجة معينة وبتخلفه تتخلف تلك النتيجة. وفي حالات معينة قد يكون السبب كافياً Cause suffisante لحدوث النتيجة ، وفي أخرى قد يكون ضرورياً Cause nécessaire لحدوثها ، وفي حالات مغايرة قد يكون ضرورياً وكافياً. أما في الدراسات الإجرامية فلا يمكن أن يوجد سبب ضروري وكاف لوقوع الجريمة ، بل يمكن فقط أن يوجد سبب ضروري لوقوع الجريمة إذا ما تفاعلت مع عوامل أخرى.
وعلى ذلك يحل – في مجال علم الإجرام - محل السببية العلمية سببية أخرى اجتماعية تعبر عن احتمالية وقوع الجريمة على أثر توافر ظرف معين. وهكذا يمكن أن يعرف العامل الإجرامي بأنه حالة (أي كل ما يتميز بالثبات كالسن والضعف العقلي…الخ) أو واقعة (كل ما يتسم بالحركة كفقد الأبوين أو الزوج) ذات صلة سببية بالظاهرة الإجرامية ، أو أنه كل عنصر موضوعي أو متغير ذو ارتباط كمي أو كيفي بتلك الظاهرة.
ولما كانت الظاهرة الإجرامية – وفق التقسيم الأكثر شيوعاً في الفقه للعوامل الإجرامية - نتاج اجتماع عوامل فردية (ترجع إلى التكوين البدني والعقلي والنفسي للمجرم) وأخرى خارجية (ترتبط بالوسط البيئي الذي يعيش فيه الفرد) ، فإننا سوف نتناول هذين النوعين على الترتيب كل في فصل على حدة.
الفصل الأول
العوامل الفردية للظاهرة الإجرامية
109- تقسيم :
تتنوع في الحقيقة العوامل الفردية للسلوك الإجرامي ، ويمكننا أن نذكر من بينها التكوين الطبيعي للمجرم ، الوراثة الإجرامية ، المراحل العمرية ، السلالة أو العرق ، الجنس أو النوع ، الأمراض ، إدمان الخمور والمخدرات. ولكل عامل من تلك العوامل سوف نخصص مبحثاً مستقلاً.
المبحث الأول
التكوين الطبيعي للمجرم
110- تمهيد وتقسيم :
يقصد بالتكوين الطبيعي للمجرم الخصائص والصفات الخلقية التي تصاحب الشخص منذ ولادته ، سواء ما يتعلق بتكوينه العضوي أو العقلي أو النفسي.
ولقد سبق وأن أبرزنا دور العلامة الإيطالي لومبروزو في تنبيه الأذهان إلى علاقة التكوين العضوي للفرد بالسلوك الإجرامي ، معلناً وجود ما أسماه المجرم بالتكوين أو المجرم بالميلاد. وأشار إلى أن المجرمين لهم صفات بيولوجية جسدية ونفسية تميزهم عن الأشخاص العاديين ، وأن توافر هذه الصفات في شخص معين لابد وأن تقوده حتماً إلى الجريمة.
وقد أشرنا من قبل إلى أن نظرية المجرم بالفطرة أو بالميلاد التي قال بها لومبروزو قد انتقدت ، ويكفي الإشارة هنا إلى أن الجريمة كما سبق أن ذكرنا مخلوق قانوني اصطنعه المشرع ، بحيث لا يتصور القول بأن توافر صفات بيولوجية معينة في الشخص هي التي تدفعه إلى ارتكاب السلوك الإجرامي ، ذلك أن تلك الصفات كانت موجودة فيه قبل إصباغ وصف الجريمة على فعله المرتكب.
ومن بعد جاء العالم الأمريكي هوتون Hooton – في مؤلفه "الجريمة والإنسان Crime and the Man" الصادر عام 1939 والذي أعاد طباعته باسم "المجرم الأمريكي The American Criminel" – منتهياً في أبحاثه إلى أنه لا توجد صفات عضوية معينة كتلك التي ذكرها لومبروزو تميز المجرمين عن غير المجرمين. وكل ما ثبتت ملاحظته أن المجرم عادة ما يكون أقل وزنا في المعتاد من الشخص العادي وأقل في القامة ، خاصةً بالنسبة لطائفة اللصوص التي تبتعد كثيراً عن الشخص العادي إذا ما قورنوا بمرتكبي جرائم النصب. وإلى هذا سبق وانتهى العالم الإنجليزي تشارلز جورنج Goring.
ولقد توصل العالمان الأمريكيان وليام شلدون جلوك Sheldon Glueck وزوجته إليانور جلوك Eleanor Glueck – أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد وزميلا هوتون - إلى نتائج مغايرة من خلال دراستهم التي شملت نحو خمسمائة من كبار المجرمين ومقارنتهم بمجموعة ضابطة من الأشخاص العاديين. فقد أشارت الدراسة إلى أن 60% من المجرمين المعتادين يتميزون بقوة البدن مقابل 31% من الأشخاص غير المجرمين ، وأن 14% من المجرمين مقابل 31% من غير المجرمين يتميزون بالضعف ، الأمر الذي يقطع بأن الخصائص البدنية وحدها لا يمكن أن تكون الفيصل الذي يميز المجرمين عن غير المجرمين.
وهكذا لم يثبت وجود علاقة بين التكوين العضوي والسلوك الإجرامي ، بل على فرض وجود تلك العلاقة فمن الخطأ اعتبارها سبباً مباشراً للجريمة. فالجريمة لا تعبر عن صفات تشريحية أوعيوب عضوية بقدر ما تعبر عن شخصية إجرامية في نواحيها العقلية أو النفسية.
وفي ضوء ذلك فإننا سوف نكتفي بما سبق في شأن العلاقة بين التكوين الطبيعي العضوي ، قاصرين دراسة التكوين الطبيعي لشخص المجرم على بعض العوامل التي قيل بصلتها بالسلوك الإجرامي ، وهي على الترتيب ، الخلل في وظائف الأعضاء ، والشذوذ الغريزي ، ومستوى الذكاء.
المطلب الأول
الخـلل فـي وظـائـف الأعـضـاء
ربط بعض علماء الإجرام – وعلى رأسهم كما أشرنا من قبل بندا ودي توليو وماكس شلاب ولويس برمان - بين الخلل في وظائف أجهزة الجسم الداخلية ، كالجهاز العصبي والجهاز التناسلي والجهاز الدوري ، وبين السلوك الإجرامي. ولعل أهم ما أشير إليه في هذا الصدد هو الربط من ناحية بين خلل الجهاز الغددي وبين السلوك الإجرامي ، ومن ناحية أخرى بين الأمراض التي تصيب الجسم وأجهزته وبين هذا الأخير.
111- أولاً : خلل الجهاز الغددي :
الغدد ، وفق ما يقرره علماء الطب ، نوعين : غدد قنوية وغدد صماء Ductless glands. وتشتمل الغدد القنوية على قنوات تنقل عن طريقها افرازات معينة ، إما إلى داخل الجسم كالغدد اللعابية أو الكبد والبنكرياس ، وإما إلى خارجه كالغدد العرقية والدمعية والدهنية.
أما الغدد الصماء فلا تشتمل على قنوات خارجية ، بل تقوم بتحويل المواد الغذائية التي ينقلها إليها الدم إلى هرمونات كي تعيد نقلها مرة ثانية إلى الدم الذي يوزعها بدوره على الجسم. والغدد الصماء تضم : الغدة الدرقية Thyriod الموجودة في مقدمة الجزء الأسفل من الرقبة على جانبي القصبة الهوائية ، والغدة المجاورة لها Parathyroid ، والغدة النخامية Pituitary الموجودة في مؤخرة الرأس ، والغدة الصنوبرية Pineal التي توجد في وسط المخ في أعلى اتجاه العمود الفقري ، والغدة الكظرية Surrenal أو الادرينالية Adrenals ، والغدد الجنسية Sex glands.
وقد خلص علماء الإجرام إلى أن افرازات الغدد الصماء له أثر كبير على السلوك الإجرامي. ذلك أن افرازات هذه الغدد تؤثر تأثيرا مباشراً على الكفاءة الوظيفية لأجهزة الجسم المختلفة ، التي تؤثر بالسلب على التكوين العضوي والنفسي للفرد ، مما يجعله سهل الاستجابة للمؤثرات الخارجية ، ومن ثم يسهل ترديه في سبيل الجريمة.
وعلى سبيل المثال فإن ازدياد افرازات الغدد الدرقية يؤدي إلى الاندفاع الشديد والقلق والشعور بعدم الاستقرار والتوتر العصبي مما يدفع الشخص إلى ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، في حين أن قلة إفرازها يؤدي إلى الخمول الذهني وإلى نوع من البلادة الذهنية عند الأطفال في بعض الأحيان وإلى فقدان الذاكرة في الحالات المرضية الشديدة.
كما تبين أن النقص في افرازات الغدد النخامية يؤدي إلى شعور أصحابها بالجبن والانعزالية والانطواء. كما قد يؤدي ذلك إلى اضطرار بعض الفتيات إلى الانحراف الخلقي عندما يبحثن عن الصلة بالجنس الأخر كنوع من التعويض العاطفي بسبب إحساسهن الدفين بالنقص.
كما تبين أيضا أن زيادة إفراز الغدة فوق الكلية لمادة الأدرينالين يؤدي إلى تمتع الشخص بقدرة عالية على التركيز والاستجابة ، بعكس ما لو نقص هذا الإفراز.
ويعتقد البعض من أطباء النفس وعلماء السيكولوجية الهرمونية Psychoendocrinology أن ضمور الغدة الصنبورية في بداية مرحلة المراهقة يمنع من النضج الجنسي الطبيعي ، وأن ورم الغدة الصنبورية قد يؤدي إلى النضج الجنسي قبل الأوان ، الأمر الذي يؤثر في الحالتين على الناحية النفسية للفرد.
والواقع أنه لا يجب التسرع في الربط بين الخلل في وظائف الغدد وبين السلوك الإجرامي ، ذلك أن كثير من الغدد يفرز أكثر من هرمون والهرمونات المفرزة من كل غدة تتأثر بدورها بما تفرزه الغدد الأخرى ، والجهاز العصبي بدوره يؤثر في هذه الافرازات ويتأثر بها. فضلاً عن أن غموضاً ما زال يكتنف علم وظائف الغدد ومدى تأثير افرازات هذه الغدد على نمو الإنسان ونضجه وحالته العضوية والنفسية والعقلية.
112- ثانياً : الأمراض العضوية :
يقصد بالمرض العضوي الخلل الذي يصيب أحد أجهزة الجسم. ولقد كشفت الدراسات عن أن هناك من الأمراض العضوية ما يرتبط بالسلوك الإجرامي ، ومنها على الأخص : الزهري ، السل ، الحميات ، إصابات الرأس والتهابات أغشية المخ.
فلقد ثبت أن ميكروب مرض الزهري Syphilis يحدث لدى المصاب به اضطراباً في الجهاز العصبي مما يجعله عرضة للإصابة بأحد الأمراض العقلية كالشلل الجنوني العام والصرع ، أو عرضة للتقلبات المزاجية وعدم اتساق الأفكار. كما ينتج عن هذا المرض آثاراً نفسية تضعف لدى المصاب به السيطرة على رغباته وكبح جماح نفسه ، فيسهل انقياده لسبيل الجريمة.
إذا كنا قد فرغنا للتو من التأكيد على استبعاد التفسير الأحادي للجريمة ، مفضلين أن نتبع في تحليل الظاهرة الإجرامية منهجاً تكاملياً ، يعتمد على تعدد أو تكامل عوامل تلك الأخيرة Constellation des facteurs ، وتوزعها بين عوامل فردية داخلية وأخرى اجتماعية خارجية ، فإنه من المؤكد أن العوامل على تنوعها – وكما سبق القول – لا تتساوى فيما بينها في الدفع نحو الجريمة. مما يستوجب منا أن نطرح على بساط البحث بشكل تحليلي العوامل الإجرامية Facteurs criminogènes من أجل الكشف عن القوة النسبية لبعض العوامل في تخليق الظاهرة الإجرامية ، في محاولة لتوقع مسار الجريمة في المستقبل أو العودة لها ، وتعين وسائل المكافحة الفعالة لها.
على أنه يجب الإقرار مسبقاً بعدم وجود حتمية Déterminisme لوقوع الجريمة على أثر توافر عامل أو مجموعة عوامل معينة ، كل ما هنالك أن بعض العوامل قد يكون لازماً وضرورياً من أجل إحداث تفاعل لكتلة ظروف يترتب عليها في النهاية حدوث الجريمة. وهذا الإقرار ينبع من أن بعض عوامل الجريمة قد لا تكون ذات صبغة إجرامية في ذاتها ، بل قد تكون مشروعة في ذاتها. فالسن والجنس والعنصر والظروف الجغرافية رغم أنها تدرس ضمن عوامل الجريمة إلا أنها بذاتها ليست مولدة للإجرام Criminogène بل هي عوامل محايدة ، وكل ما هنالك أن دراسة عوامل الجريمة إنما هي دراسة للارتباطات Corrélation بين متغيرات Facteurs عديدة لا يكون لبعضها قوة ذاتية في إيقاع الجريمة.
ومن هنا فليس للجريمة عامل بذاته ، كما أن عوامل الظاهرة الإجرامية لا تعبر عن أسباب تلك الظاهرة أو أسباب السلوك الإجرامي. ففكرة السببية Causalité المعروفة في العلوم الطبيعية لا تسري بذاتها في مجال علم الإجرام. ففي العلوم المنضبطة يعني السبب الظرف الذي بتوافره تحدث نتيجة معينة وبتخلفه تتخلف تلك النتيجة. وفي حالات معينة قد يكون السبب كافياً Cause suffisante لحدوث النتيجة ، وفي أخرى قد يكون ضرورياً Cause nécessaire لحدوثها ، وفي حالات مغايرة قد يكون ضرورياً وكافياً. أما في الدراسات الإجرامية فلا يمكن أن يوجد سبب ضروري وكاف لوقوع الجريمة ، بل يمكن فقط أن يوجد سبب ضروري لوقوع الجريمة إذا ما تفاعلت مع عوامل أخرى.
وعلى ذلك يحل – في مجال علم الإجرام - محل السببية العلمية سببية أخرى اجتماعية تعبر عن احتمالية وقوع الجريمة على أثر توافر ظرف معين. وهكذا يمكن أن يعرف العامل الإجرامي بأنه حالة (أي كل ما يتميز بالثبات كالسن والضعف العقلي…الخ) أو واقعة (كل ما يتسم بالحركة كفقد الأبوين أو الزوج) ذات صلة سببية بالظاهرة الإجرامية ، أو أنه كل عنصر موضوعي أو متغير ذو ارتباط كمي أو كيفي بتلك الظاهرة.
ولما كانت الظاهرة الإجرامية – وفق التقسيم الأكثر شيوعاً في الفقه للعوامل الإجرامية - نتاج اجتماع عوامل فردية (ترجع إلى التكوين البدني والعقلي والنفسي للمجرم) وأخرى خارجية (ترتبط بالوسط البيئي الذي يعيش فيه الفرد) ، فإننا سوف نتناول هذين النوعين على الترتيب كل في فصل على حدة.
الفصل الأول
العوامل الفردية للظاهرة الإجرامية
109- تقسيم :
تتنوع في الحقيقة العوامل الفردية للسلوك الإجرامي ، ويمكننا أن نذكر من بينها التكوين الطبيعي للمجرم ، الوراثة الإجرامية ، المراحل العمرية ، السلالة أو العرق ، الجنس أو النوع ، الأمراض ، إدمان الخمور والمخدرات. ولكل عامل من تلك العوامل سوف نخصص مبحثاً مستقلاً.
المبحث الأول
التكوين الطبيعي للمجرم
110- تمهيد وتقسيم :
يقصد بالتكوين الطبيعي للمجرم الخصائص والصفات الخلقية التي تصاحب الشخص منذ ولادته ، سواء ما يتعلق بتكوينه العضوي أو العقلي أو النفسي.
ولقد سبق وأن أبرزنا دور العلامة الإيطالي لومبروزو في تنبيه الأذهان إلى علاقة التكوين العضوي للفرد بالسلوك الإجرامي ، معلناً وجود ما أسماه المجرم بالتكوين أو المجرم بالميلاد. وأشار إلى أن المجرمين لهم صفات بيولوجية جسدية ونفسية تميزهم عن الأشخاص العاديين ، وأن توافر هذه الصفات في شخص معين لابد وأن تقوده حتماً إلى الجريمة.
وقد أشرنا من قبل إلى أن نظرية المجرم بالفطرة أو بالميلاد التي قال بها لومبروزو قد انتقدت ، ويكفي الإشارة هنا إلى أن الجريمة كما سبق أن ذكرنا مخلوق قانوني اصطنعه المشرع ، بحيث لا يتصور القول بأن توافر صفات بيولوجية معينة في الشخص هي التي تدفعه إلى ارتكاب السلوك الإجرامي ، ذلك أن تلك الصفات كانت موجودة فيه قبل إصباغ وصف الجريمة على فعله المرتكب.
ومن بعد جاء العالم الأمريكي هوتون Hooton – في مؤلفه "الجريمة والإنسان Crime and the Man" الصادر عام 1939 والذي أعاد طباعته باسم "المجرم الأمريكي The American Criminel" – منتهياً في أبحاثه إلى أنه لا توجد صفات عضوية معينة كتلك التي ذكرها لومبروزو تميز المجرمين عن غير المجرمين. وكل ما ثبتت ملاحظته أن المجرم عادة ما يكون أقل وزنا في المعتاد من الشخص العادي وأقل في القامة ، خاصةً بالنسبة لطائفة اللصوص التي تبتعد كثيراً عن الشخص العادي إذا ما قورنوا بمرتكبي جرائم النصب. وإلى هذا سبق وانتهى العالم الإنجليزي تشارلز جورنج Goring.
ولقد توصل العالمان الأمريكيان وليام شلدون جلوك Sheldon Glueck وزوجته إليانور جلوك Eleanor Glueck – أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد وزميلا هوتون - إلى نتائج مغايرة من خلال دراستهم التي شملت نحو خمسمائة من كبار المجرمين ومقارنتهم بمجموعة ضابطة من الأشخاص العاديين. فقد أشارت الدراسة إلى أن 60% من المجرمين المعتادين يتميزون بقوة البدن مقابل 31% من الأشخاص غير المجرمين ، وأن 14% من المجرمين مقابل 31% من غير المجرمين يتميزون بالضعف ، الأمر الذي يقطع بأن الخصائص البدنية وحدها لا يمكن أن تكون الفيصل الذي يميز المجرمين عن غير المجرمين.
وهكذا لم يثبت وجود علاقة بين التكوين العضوي والسلوك الإجرامي ، بل على فرض وجود تلك العلاقة فمن الخطأ اعتبارها سبباً مباشراً للجريمة. فالجريمة لا تعبر عن صفات تشريحية أوعيوب عضوية بقدر ما تعبر عن شخصية إجرامية في نواحيها العقلية أو النفسية.
وفي ضوء ذلك فإننا سوف نكتفي بما سبق في شأن العلاقة بين التكوين الطبيعي العضوي ، قاصرين دراسة التكوين الطبيعي لشخص المجرم على بعض العوامل التي قيل بصلتها بالسلوك الإجرامي ، وهي على الترتيب ، الخلل في وظائف الأعضاء ، والشذوذ الغريزي ، ومستوى الذكاء.
المطلب الأول
الخـلل فـي وظـائـف الأعـضـاء
ربط بعض علماء الإجرام – وعلى رأسهم كما أشرنا من قبل بندا ودي توليو وماكس شلاب ولويس برمان - بين الخلل في وظائف أجهزة الجسم الداخلية ، كالجهاز العصبي والجهاز التناسلي والجهاز الدوري ، وبين السلوك الإجرامي. ولعل أهم ما أشير إليه في هذا الصدد هو الربط من ناحية بين خلل الجهاز الغددي وبين السلوك الإجرامي ، ومن ناحية أخرى بين الأمراض التي تصيب الجسم وأجهزته وبين هذا الأخير.
111- أولاً : خلل الجهاز الغددي :
الغدد ، وفق ما يقرره علماء الطب ، نوعين : غدد قنوية وغدد صماء Ductless glands. وتشتمل الغدد القنوية على قنوات تنقل عن طريقها افرازات معينة ، إما إلى داخل الجسم كالغدد اللعابية أو الكبد والبنكرياس ، وإما إلى خارجه كالغدد العرقية والدمعية والدهنية.
أما الغدد الصماء فلا تشتمل على قنوات خارجية ، بل تقوم بتحويل المواد الغذائية التي ينقلها إليها الدم إلى هرمونات كي تعيد نقلها مرة ثانية إلى الدم الذي يوزعها بدوره على الجسم. والغدد الصماء تضم : الغدة الدرقية Thyriod الموجودة في مقدمة الجزء الأسفل من الرقبة على جانبي القصبة الهوائية ، والغدة المجاورة لها Parathyroid ، والغدة النخامية Pituitary الموجودة في مؤخرة الرأس ، والغدة الصنوبرية Pineal التي توجد في وسط المخ في أعلى اتجاه العمود الفقري ، والغدة الكظرية Surrenal أو الادرينالية Adrenals ، والغدد الجنسية Sex glands.
وقد خلص علماء الإجرام إلى أن افرازات الغدد الصماء له أثر كبير على السلوك الإجرامي. ذلك أن افرازات هذه الغدد تؤثر تأثيرا مباشراً على الكفاءة الوظيفية لأجهزة الجسم المختلفة ، التي تؤثر بالسلب على التكوين العضوي والنفسي للفرد ، مما يجعله سهل الاستجابة للمؤثرات الخارجية ، ومن ثم يسهل ترديه في سبيل الجريمة.
وعلى سبيل المثال فإن ازدياد افرازات الغدد الدرقية يؤدي إلى الاندفاع الشديد والقلق والشعور بعدم الاستقرار والتوتر العصبي مما يدفع الشخص إلى ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص ، في حين أن قلة إفرازها يؤدي إلى الخمول الذهني وإلى نوع من البلادة الذهنية عند الأطفال في بعض الأحيان وإلى فقدان الذاكرة في الحالات المرضية الشديدة.
كما تبين أن النقص في افرازات الغدد النخامية يؤدي إلى شعور أصحابها بالجبن والانعزالية والانطواء. كما قد يؤدي ذلك إلى اضطرار بعض الفتيات إلى الانحراف الخلقي عندما يبحثن عن الصلة بالجنس الأخر كنوع من التعويض العاطفي بسبب إحساسهن الدفين بالنقص.
كما تبين أيضا أن زيادة إفراز الغدة فوق الكلية لمادة الأدرينالين يؤدي إلى تمتع الشخص بقدرة عالية على التركيز والاستجابة ، بعكس ما لو نقص هذا الإفراز.
ويعتقد البعض من أطباء النفس وعلماء السيكولوجية الهرمونية Psychoendocrinology أن ضمور الغدة الصنبورية في بداية مرحلة المراهقة يمنع من النضج الجنسي الطبيعي ، وأن ورم الغدة الصنبورية قد يؤدي إلى النضج الجنسي قبل الأوان ، الأمر الذي يؤثر في الحالتين على الناحية النفسية للفرد.
والواقع أنه لا يجب التسرع في الربط بين الخلل في وظائف الغدد وبين السلوك الإجرامي ، ذلك أن كثير من الغدد يفرز أكثر من هرمون والهرمونات المفرزة من كل غدة تتأثر بدورها بما تفرزه الغدد الأخرى ، والجهاز العصبي بدوره يؤثر في هذه الافرازات ويتأثر بها. فضلاً عن أن غموضاً ما زال يكتنف علم وظائف الغدد ومدى تأثير افرازات هذه الغدد على نمو الإنسان ونضجه وحالته العضوية والنفسية والعقلية.
112- ثانياً : الأمراض العضوية :
يقصد بالمرض العضوي الخلل الذي يصيب أحد أجهزة الجسم. ولقد كشفت الدراسات عن أن هناك من الأمراض العضوية ما يرتبط بالسلوك الإجرامي ، ومنها على الأخص : الزهري ، السل ، الحميات ، إصابات الرأس والتهابات أغشية المخ.
فلقد ثبت أن ميكروب مرض الزهري Syphilis يحدث لدى المصاب به اضطراباً في الجهاز العصبي مما يجعله عرضة للإصابة بأحد الأمراض العقلية كالشلل الجنوني العام والصرع ، أو عرضة للتقلبات المزاجية وعدم اتساق الأفكار. كما ينتج عن هذا المرض آثاراً نفسية تضعف لدى المصاب به السيطرة على رغباته وكبح جماح نفسه ، فيسهل انقياده لسبيل الجريمة.
زائر- زائر
الثلج الاسود- كبار الشخصيات
- جنسية العضو : يمني
الأوسمة :
عدد المساهمات : 27054
تاريخ التسجيل : 22/06/2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 3:27 pm من طرف سها ياسر
» عملية الحقن المجهرى
الأربعاء أكتوبر 30, 2024 12:08 am من طرف جنى بودى
» شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الخميس أكتوبر 24, 2024 2:23 pm من طرف سها ياسر
» Real Estate in hurghada
الأربعاء أكتوبر 16, 2024 9:12 pm من طرف جنى بودى
» افضل دكتور حقن مجهري في مصر
الأحد أكتوبر 13, 2024 8:48 pm من طرف جنى بودى
» افضل دكتور نساء و توليد في مصر
السبت أكتوبر 12, 2024 12:01 am من طرف جنى بودى
» حلويات دزرت الطبيعية لتخلص من التدخين
الأحد أكتوبر 06, 2024 6:35 pm من طرف مدام ششريهان
» الحرائق الكهربائية المنزلية في السعودية: أسبابها وأهم طرق الوقاية منها
الخميس أكتوبر 03, 2024 11:19 pm من طرف جنى بودى
» الحرائق الكهربائية المنزلية في السعودية: أسبابها وأهم طرق الوقاية منها
الخميس أكتوبر 03, 2024 11:17 pm من طرف جنى بودى
» شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الخميس أكتوبر 03, 2024 5:03 pm من طرف سها ياسر